قصة قصيرة (فنجان قهوة )


دخان القهوة

كيف تقرر انك تحب شخص ما  وانك على استعداد أن تعيش معه عمر كامل تعتقد انك على استعداد أن تتحمل كل ما فيه من نواقص من الصعب أن تقرر ذلك  هكذا قالت كامليا لنفسها إنها لا تستطيع أن تحدد مشاعرها بشكل كامل  إنها أحيانا تحب شخص ما لوسامته تحب ملامحه جاذبيته إحساس الرجولة فيه ثم سريعا ما تعود إلى نفسها إن تلك المشاعر ليس حقيقية إنها تعشق لوحة  مع مرور الوقت تختلف اللوحة عن مكنونها فهل ستظل تحبها
 لا إن المكانة والمركز الاجتماعي والاقتصادي ثم تعود وتقول لا إن المركز لن يغنيها عن المشاعر والحب والجنون والانطلاق هي تريد أن تعيش حياتها وشبابها ولذلك قررت أن تعشق وتحب ولكن ما تسمعه من الزوجات لا يشجعها على الزواج
-        الرجالة كلهم واحد
-        ما يصدق بتجوزك عشان يخليكى خدامه عنده
-        بلا وجع قلب والله أنا ما خبت إلا لما أتجوزت
-        أحلى حاجه في الجواز العيال إنما هو يغور
كل تلك الكلمات تؤكد ما تشعر به من خوف وقلق شديد ولكن هل ستظل تعيش العمر وحيدة ؟هل سيمر عليها العمر وهى تعيش بين جدران غرفتها المظلمة الموحشة ؟ إنها تريد أن تعيش جنون الحياة  تحب تعشق الى حد الجنون  يا ترى ما هو طعم القبلة ما هو سر الابتسامة حين تلتقي الايادى بين كل حبيبين  هل كل تلك الأشياء وهم  هل فرحه كل منهم حين يتذكره الأخر وهم ؟ هل ما يحدث أمام عينها قبل الزواج عبارة عن مشاعر يريد كل منهم أن يعيشها فيعيشها بدافع الرغبة والرجاء إنها تتمنى أن تعيش أن تسير معه تحت المطر  أن يفعل معها كما يفعل الإبطال في الأفلام يخلع سترته ليغطى كتفها ويحميها من البرد  أن يحتضنها فتحتضن العالم بداخله وتعود إلى صديقاتها
-        أوعى تتجوزي والله أنتي كده أحسن ميت مره
-        جواز بلا وكسه  سيبك منه هو مقدور عليه  المهم اللي وراه أمه وأخواته ولا لو كان عنده أخت بقى يبقى ربنا يسترها
-        شفتي أنا بقيت عامله أزى شوال دقيق من الهم والغم اللي أنا عايشاه فكره لما كنت أزيد كيلو واحد كنت بعمل إيه فين أيام الجيم والفسح والخروج لا بلا جواز بلا هم
كل منهم متزوجة ولديها أطفالها وهمومها امى تقول لي لا تستمعي لاى منهم لو كان الزواج بهذا القبح ما تمنيته لكي ولكن امى خائفة من لفظ عانس تريد أن أتزوج حتى لا يقال عنى أنى عانس كما إنها لا تريد أن تكون ابنتها بايره إنها تسعى إلى راحتها وراحة قلبها وبالها  أما راحتي أنا لا تهمها أنا لن أتزوج لأريح امى أو اطمئن أبى وقررت أن أعيش حياتي بالطريقة التي أرغبها بعيدا عن تلك الأمور التي تهدم اللذة والاستمتاع بالحياة وقررت أن اخرج من عقلي فكره الزواج تماما إلا إذا صادفت من يستحق أن أتزوجه ولن أتنازل عن شخص رياضي وسيم له مركز اجتماعي متميز لا يرغب في إنجاب  أكثر من طفل واحد
اليوم مشمس جدا  اشعر بان الحياة متجددة فيه كل شئ بداخلي ألان يدعوني إلى الانطلاق  ارتديت ملابسي الرياضية وقررت أن انزل إلى الطريق أجرى فانا من سكان المعادى والمعادى حي جميل هادئ تحب أن تسير في طرقاته ارتديت ملابس الرياضية وحذائي وخرجت كنت اجري بين الطرقات وأنا محلقة في الهواء ما هذا الشعور أن هناك شئ خاص جدا يدعوني يستدعى بداخلي مشاعر جميله قد تكون حزينة ولكنها تحي بداخلي الإحساس وتتبدل المشاعر الحزينة بالجميل والممتعة فاضحك من قلبي حتى أن الماره قد يعتبر ونى مجنونه ولكن لا يهم ما أجمل أن تعيش الحرية
الآن جاء وقت القهوة
القهوة هي أجمل مشروب في الحياة  اعشق رائحتها ودخانها اشعر وأنا اجلس أمام فنجان القهوة أنى ملكه تمتلك العالم جلس امسح حبات العرق من على جبيني وفنجان القهوة امامى يبعث بدخانه وكأنه يحاكيني أنا لا أؤمن بقراءة الفنجان ولكنى تمنيت أن أقراء الفنجان الآن هذا الفنجان فقط لا غير
المكان كان مزدحم جدا  لم يكن هناك مكان لشخص آخر وكان الناس كلها قررت أن تشرب فنجان قهوة في هذا الصباح وفجاه دخل شخص يحمل مجموعه من الأوراق وحقيبة ويتحدث في التليفون ويبدو انه يمتلك تليفون أخر فإذا به يرن فأصبح لا يجد مفر من ترك الحقيقة على المنضدة التي اجلس عليها بسرعة حتى يستطيع أن يخرج التليفون الأخر وهو ينظر اليا نظره اعتذار كم هو بغيض المنظر  له كرش  شعره أشعث  ملامحه مقبولة ولكنه غير مهتم بنفسه تماما إنهم حيوانات  كم اكره الرجال
ولم يلاحظ أن الحقيقة تميل على فنجان القهوة فإذا به ينقلب  لقد هدم لذتى  فنجاني المفضل أفضل فنجان قهوة ووجد نفسي اثور في وجه وهو يبتسم ثم قال
هو : أنا أسف جدا أنا ملزم بفنجان تانى
أنا : أنت معندكش دم على فكره
هو : فعلا أنا عارف أنى قليل الذوق بس غصب عنى والله
أنا : هدفع تمن الفنجان على فكره
هو : وماله من افسد شئ عليه إصلاحه
ثم نظر إلى المكان كان ثم وجده يجلس معي على التربيزه وأنا في حاله من الذهول لسفالته أكمل مكالمته
هو : معلش يا ماما أن شاء الله هيبقى كويس طب أنا هكلم سميرة واعرف الوالد عمل أيه
ثم اخرج تليفون أخر واتلصل
هو : سميرة الوالد عامل أيه كويس الحمد لله أيه أزى ده لا أنا جاى حالا
ثم لمحت دمعه فى عينه
هو : ايوه يا حبيب خالو لا أنت هتبقى كويس قوى أن شاء الله أوعى تخاف دى عمليه بسيطة أنا جابلك حالا
ثم قام وترك كل شئ ترك حقيبته قلمه تليفونه الأخر الذي كان في يده وانطلق شعرت بذهول من تصرفه ولكنى شعرت أن هناك كارثة وحين قررت أن أنبهه  كان قد استقل تاكسي وانطلق وجد نفسي أمام حقيقة لشخص بغيض وتليفونه وقلمه وأوراقه
ماذا افعل .. هل افتح الحقيقبه واتجه إليه هل اتصل بالتليفونه لياتى اى شخص يحصل على أشياءه ويعيدها أم سيعود هو
بداخلي فضول شديد .. أن اعرف ما حدث ووجد نفسي أريد أن اطمئن على الطفل بدافع الانسانيه ليس أكثر
وقررت فتحت الحقيبة انه يعمل في مجال المبيعات يبدو انه شخص غير منظم بالمرة
لم استدل من أوراقه إلا على الشركة التي يعمل بها وبعض الإيصالات لا اعرف هل هي باسمه أم لا ولكن الاسم الذي أمام هو  متولي السيد عيد  اسمه قديم قوى  في حد في الدنيا لسه بيسمى متولي
ثم قررت أن اتصل بالشركة تليفونها كان على الأوراق التي تخصها وردت عليا فتاه تبدو السكرتيرة وسألتها هل يعمل لديهم شخص اسمه متولي قالت لي في ضيق
-        عمل أيه تأنى .. ربنا يستر على فكره الشركة قررت أنها تفصله  
-        لا أنا بسال على عنوانه أو رقم تليفونه عشان اتصل بيه أصله نسى حاجه في المكان اللي أنا فيه
-        اه طيب خدي عندك
أعطت لي رقمين اعتقد أن الثاني هو ما كان في يده وهو خارج مندفع لانى حين استخدمت تليفونه الذي تركه أعطى لي الرقم الأخر
أصلت به جاء صوته
-        ايوه مين
-        أنا أسفه بس حضرتك سبت حاجتك في الكافية من ساعة و
-        اه أنا أسف والله أنا في المستشفى ممكن تخلى الحاجة معاكى وان هاجي أخدها
-        لا قولي أنت فين وأنا ح جيلك
-        مش عايز أتعبك
-        لا أنا أصلى سمعت المكالمة يارب يكون ابن أختك كويس
-        ادعي له
شعرت بصوته يختنق وكأنه يبكى واعطانى عنوان المستشفى وانطلق بنفس ملابسي الى المكان كان يقف على باب العمليات وهو في حاله من الضعف الشديد لا اعلم لماذا لم اعد أرى فيه تلك الأشياء القبيحة اختفت كل قبحه أو ما كنت اعتقد انه قبيح وأنا أرى دموعه  اتجهت إليه فجرى نحوى واهتز كرشه وهو يجرى يريد أن يشكرني ويأخذ منى أشياءه ووجده يبتسم لي رغم حزنه وهو يقول
-        أشكرك جدا وأسف والله على اللي حصل وأنا لسه ملزم بدفع تمن القهوة
-        لا خالص أنا مسامحه
-        أنا أسف مش هقدر أقولك اتفضلى أو تشربي أيه
-        أنا مقدره الظروف
دخلت سيده تتجه إليه بسرعة
-        متولي أنت عملت أيه
-        ماتقلقيش أنا دفعت الفلوس كلها
-        جبت الفلوس منين
-        بعت العربية
-        يا نهار ابيض وشغلك حتشتغل أزى هترجع تانى تلف على رجليك يا متولي
-        ولا يهمك أنا متعود على كده
تركني وكانى لم أكن موجودة واتجه إلى باب العلميات كنت انظر إليهم وهم في غايه القلق كان يدعو الله من قلبه خرج الطفل من العلميات جرى خلف الترولى هو والسيدة وللمرة الثانية يترك كل شئ فاتجهت ولملمت أشياءه مره أخرى وسرت خلفه إلى أن دخل الغرفة
نظرت من خلال الباب رايته يبتسم ويضحك ثم اخذ يحرك كرشه بشكل مثير للضحك والسخرية من اجل أن يبتسم الطفل الذي ابتسم بالفعل
 لماذا شعرت أن كرشه هذا هو أجمل المناظر التي رايتها في العالم ؟ أن ابتسامه الطفل المريض جعلت متولي أجمل الأشخاص اخذ متولي يتحرك حركات بهلوانيه من يراه يتهمه بالجنون والغباء ولكن الطفل كان يضحك والأم تبتسم من اجل ابتسامه ابنها وأنا رأيت شئ لم يخطر في بالى
اليوم بعد سنوات طويلة سنوات لم أكن اعتقد أنى سأعيشها  وزنى الآن زاد أكثر من خمسه عشر كيلو جرامات اشعر أحيانا أنى لا استطيع الحركة بسبب الأملاح والنقرس شعري لم يعد كما كان ألمه بسبب ما حدث له من اثر الحمل كل ما يشغل تفكيري هو أن يصبح ابني بصحة جيده ودخل متولي وقد زاد وزنه أكثر بكثير منذ أول مره  لقد حاول أن يفقد من وزنه ولكنى كنت ارفض  أنا عشق كرشه وحركاته البلهاء  وابتسامته الطفو ليه
لسنا أغنياء ولكننا نعيش عيشه كريمه هادئة نختلف كثيرا ونتصالح كثيرا يجلس بجانبي في نفس الكافية نشرب القهوة ودخانه يتصاعد نشعر بأننا ملوك نمتلك العالم القهوة لها مذاق خاص مع شخص تعلم انه على استعداد أن يتخلى عن أي شئ حتى يصبح معك أو حتى لا تشعر لحظه بالألم
تذكرت كلمات النساء
وتأكد  كل منهم كانت تريد أن تعيش شئ لم تستطيع ان تعيشه كل منهم كانت تريد ان تخفى السعادة وتتحدث عن الأشياء القبيحة خوفا من الحسد لانى لم أكن متزوجة أو حتى لو كنت متزوجة حتى لا انظر إلى زوجها أو اشعر بالحسد اتجاهه
متولي لم يكن فيه اى شئ من شروطي في الزواج لا هو شديد الوسامة لا هو رشيق أو رياضي  لم يكن غنيا أو صاحب مكانه  ولكنه كان إنسان  كم مره افقدني اعصابى  كم مره ثار في وجههى وكاد ان خنقني أو يزيح بي من أمامه كم مره قرر ان يبتعد عنى أو يتخلى عن الحياة معي ولكن في النهاية نعود إلى بعضنا البعض وكم أحب فنجان القهوة معه وكم أحب انفه وهى تتحرك لتشم دخانه بهيام كأنه مشوقته  
                                                                                                                                كم احبك يا متولي
             




تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

قصة قصيرة (فراق )

كتاب (9 شهور) المقدمة